قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} الأعراف (172-174) . فهذا إخبار منه سبحانه في استخراج ذرية بني آدم من ظهور آبائهم وأصلابهم وأنه أخذ عليهم الإِقرار والشهادة بأنه ربهم غير غافلين، ولا مقلدين لمن أشرك من آبائهم وأنهم أقروا بذلك. وقال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} الروم.3. وإقامة الوجه هنا بمعنى الاستمرار على الدين الذي شرعه الله سبحانه لخلقه والعزم على الثبات عليه.
قال ابن كثير رحمه الله: "يقول تعالى فسدد وجهك، واستمر على الدين الذي شرعه الله من الحنيفيّة ملة إبراهيم، الذي هداك الله لها، وكمّلها لك غاية الكمال، وأنت مع ذلك لازم فطرتك السليمة التي فطر الله الخلق عليها، فإنه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده وأنه لا إله غيره".
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة".
وفي رواية لمسلم "ما من مولود يولد إلا وهو على الملة".
وفي رواية له أيضا "إلا على هذه الملة حتى يبين عنه لسانه ".