مجيئه هكذا شاذ عن القياس، وإن اطرد في الاستعمال، ولا يكون مثل هذا في الياء، أعني أنه لا يجيء مثل البَيَعَةِ والسًّيرَة في جمع بائع وسائر، وعلة ذلك قرب الألف من الياء، وبعدها عن الواو، فإذا صحت نحو: الخولِ والحوكة والخونة، كان أسهل من تصحيح نحو البيعة، وذلك أن الألف لما قربت من الياء أسرع انقلاب الياء إليها، وكان ذلك أسوغ من انقلاب الواو إليها لبعد الواو عنها، ألا ترى إلى كثرة قلب الياء ألفاً استحساناً لا وجوباً قالوا: في طيء: طائي، وفي الحيرة: حاري، وفي عيعيت وحيحيت وهيهيت: عاعيت وحاحيت وهاهيت؟. وقلما يرى في الواو مثل هذا، فإذا كان مثل هذه القربى بين الألف والياء، كان تصحيح نحو: بيعة وسيرة أشق عليهم من تصحيح نحو: الخول، والحوكة، والخونة، لبعد الواو من الألف، وبقدر بعدها عنها يقل انقلابها إليها، ولأجل هذا الذي ذكرنا كثر عنهم نحو: اجْتَوِروا واعْتَوُنوا واحتوشوا...." [100] .
والعلة في القلب ألفاً موازنة الفعل، وطلب الخفة، فقلبتا للاستثقال، والمراد بمشابهة الفعل أو موازنته مساواته له في عدد الحروف والحركات المعينة وإن باينه في تعيين الزيادات وأمكنتها، فمَفْعَل على وزن يَفْعَل، وإن كانت زيادته غير زيادته، وفاعل موازن ليفعل، وزيادته غير زيادته، ومكانها غير مكانها [101] .
"وإنما اطرد قلب العين في (فَعَل) نحو: دار وباب ونار وناب، لأن القلب لا يوجب التباس فَعَلٍ بفَعْل، إذ بالألف يعرف أنه متحرك العين لا ساكنها ... وقد جاء لأجل الخفة كثير من المعتل على (فَعَل) غير مُعل، نحو: قود وميل، وغيب، وصيد، وخونة، وحوكة" [102] . (وقولهم الروح والغيب والخول، والقود شاذ" [103] .