وقد حصر ابن دريد ذلك في أربعة، حيث قال: "ولم يجيء فعيل وفعال على (فَعَل) إلا أربعة أحرف: أديم وأدم، وأفيق وأفق، وهو الأديم أيضا، وإهاب وأهب، وعمود وعماد وعَمَد، وقد قالوا: عُمُدٌ في هذا وحده" [43] .
وهذا الذي قاله ابن دريد مقارب، وقد وقفت على حرفين لم يوردهما، وهما: بَعَدٌ وقَضَم.
وبالتأمل في الأمثلة التي أوردها يمكن قسمها إلى ثلاثة أنواع:
1- ما كان ثلاثياً قبل آخره ألف زائدة، وفيه كلمتان: إهاب وعماد، قالوا فيهما: أهب وعمد.
والإهاب: الجلد من البقر والغنم والوحش ما لم يدبغ، والجمع القليل الآهبة، والكثير: أُهَب وأَهب، على غير قياس، مثل أدم وأفق وعمد، جمع أديم وأفيق وعمود، وقد قيل: أُهب، وهو قياس، وقال سيبويه: "أَهب اسم للجمع، وليس بجمع إهاب، لأن فعلاً ليس مما يُكسر عليه فِعالٌ" [44] .
العِماد: ما أقيم به الشيء، والأبنية الرفيعة، ومنه: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [45] أي: ذات الطول، وجمعه عُمُد، والعمد: اسم للجمع ... ويقال لأصحاب اَلأخبية الذين لا ينزلون غيرها: هم أهل عمود، وأهل عماد. والعماد والعمود: الخشبة التي يقوم عليها البيت، وأعمد الشيءَ: جعل تحته عَمَداً، ويجمع جمع قلة على أعمدةٍ.
وقد يراد بالعمود الخباء المعمَّد، وقيل: كل خباء كان طويلا في الأرض يُضرب على أعمدة كثيرة، فيقال لأهله: عليكم بأهل ذلك العَمُود، ولا يقال: أهل العَمَد.
وقرئ قوله: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} [46] في عُمُد بضمتين، وهو جمع عماد، كما قالوا: إِهاب وأَهَب وأُهُب. ومعناه: أنها في عمد من النار [47] .
وقال سيبويه في باب: "ما هو اسم يقع على الجميع لم يُكَسَّرْ عليهِ وَاحِدُة ولكنه بمنزلة قوم ونَفَرٍ وذَوْدٍ، إلا أَنَّ لفظه من لفظ واحدِه": "ونظيره أفيق وأفق، وعمود وعمد، وقال يونس: يقولون: هو العَمَدُ" [48] .