وقبل ذكر أدلة ابن سريج في المسألة لابد من تحديد محل الخلاف لذا قال العلماء ليس الخلاف في إطلاق اسم علم تعميمه للأفراد بالنقل على ما سكت عنه، أي لم يسمع إطلاقه عليه من أهل اللغة. مثل "رجل"فإنه وضع لواحد من ذكور بني آدم، وعلم تعميمه بالنقل. فإذا أطلق على واحد لم يسمع من العرب إطلاقه عليه، لا يقال إنه إثبات بالقياس. إذ تناول اللفظ لذلك الواحد علم بالنقل، وليس أيضا الخلاف في نحو رفع فاعل لم يسمع من العرب رفعه، فإنه لا نزاع في جواز رفعه.
ولا يقال أيضا أنه إثبات بالقياس إذ علم تعميم رفع الفاعل بالاستقراء. فإنا لما استقرأنا الكلام وجدنا كل ما أسند الفعل، أو شبهه إليه مقدما عليه مرفوعا، حصل عندنا قاعدة وهي: أن كل فاعل مرفوع. بحيث لم يبق شك، فإذا جعل فاعل لم يسمع رفعه من العرب مرفوعا لم يكن ذلك قياسا إذ علم بالاستقراء أن الرفع وضع لكل فاعل.
بل إنما الخلاف في أنه هل يسمى مسكوت عنه مثل النبيذ مثلا الحاقا بتسمية، أي باسم مثل اسم الخمر موضوع لمعين، مثل ماء العنب المخصوص لأجل معنى، مثل التخمير. يستلزم ذلك المعنى الاسم وجودا وعدما. أي متى وجد المعنى المذكور وجد الاسم ومتى عدم عدم أم لا؟ لأنه هو القياس في اللغة وبعبارة أخرى إذا وضع اسم لمعنى دار المعنى مع اللفظ وجودا وعدما كخمر النبيذ.
فبهذا وأمثاله: قال ابن سريج بأن اللغة تثبت بالقياس وقد استدل بالأدلة الآتية:
أولا ً: التمسك بعموم قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا} (?) فإنه يتناول كل الأقيسة واعتمادهم
في الفرق على أن المعاني لا تناسب الألفاظ فامتنع جعل المعنى علة للاسم، بخلاف الأحكام الشرعية فإن المعاني قد تناسبها، لكنا قد بينا سقوط هذا الفرق.