كان إماما جليلا، غواصا على المعاني، أخذ العلم عن ابن سريج، وانتهت إليه رئاسة العلم ببغداد، وانتشر العلم عن أصحابه إذ خرج من مجلسه إلى البلاد سبعون إماما. ثم انتقل في آخر عمره إلى مصر وشرح المختصر وصنف الأصول. وهو الذي قعد في مجلس الشافعي بمصر سنة القرامطة واجتمع الناس عليه.

توفي سنة 340هـ ودفن عند ضريح الشافعي رضي الله عنهما. وقد حكى عنه حكاية غريبة ولغرابتها أذكرها عنه في هذا الموطن وهي:

قال أبو إسحاق: "كان لي جار ببغداد، وكان له مال كثير وله ابن يضرب إلى السواد، ولون الرجل لا يشبهه، وكان يعترض أنه ليس منه. قال: فأتاني فقال: "عزمت على الحج، وأكثر قصدي أن استصحب ابني وأريه بعض أهل القيافة ثم فنهيته، وخرج فلما رجع قال لي: إني استحضرت مدلجيا، وأمرت بعرضه عليه في عدد من الرجال، وكان منهم الذي رأى أنه منه. وكان معنا في الرفقة. وغبت عن المجلس فنظر القائف فيهم فلم يلحقه بأحد منهم. فأخبرت بذلك وقيل لي احضر فلعله يلحقه بك. فأقبلت على ناقة يقودها عبد لنا أسود كبير السن. فلما وقع بصره علينا قال: الله أكبر الراكب أبو هذا الغلام والقائد الأسود أبو الراكب. فغشي علي من صعوبة ما سمعت. فلما رجعت من الحج، رجعت

على والدتي لتخبرني. فأخبرتني أن أبي طلقها ثلاثا. ثم ندم فأمر هذا الغلام بنكاحها للتحليل، ففعل، فعلقت منه. وكان ذا مال كثير وليس له ولد فاستحقه ونكحني مرة ثانية".

رابعا: أبو علي الحسن بن الحسين المعروف بابن أبي هريرة (?) :

أحد أئمة الشافعية، تفقه على ابن سريج، ثم على أبي إسحاق المروزي، وصحبه إلى مصر. ثم عاد إلى بغداد وشرح شرحين للمختصر، مختصرا ومبسوطا. درس ببغداد وتخرج عليه خلق كثير. وانتهت إليه إمامة العراقيين. توفي ببغداد سنة 345 هـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015