وكان الخليفة المأمون العباسي (198- 8 1 2 هـ) - (813 - 833 م) أول من استكثر من المماليك، حيث ضم بلاطه عددا من هؤلاء المماليك المعتوقين، ثم تلاه أخوه المعتصم (218-227 هـ) - (833 هـ 843 م) الذي أراد أن يحد منِ نفوذ جنوده من الفرس والعرب فكون جيشا أغلبه من التركمان، كان يشتريهم صغاراً ويربيهم حتى وصل عددهم إلى عشرين ألفا.
أما أحمد بن طولون والي مصر، فقد اعتمد على المماليك اعتمادا يكاد يكون كليا، حيث كان والده طولون مملوكا تركيا أهدي للمأمون عام 200 هـ (815 م) ، فقد أحضر أحمد هذه المماليك من بلاد جنوب بحر قزوين وبلاد الديلم، حتى زادوا عن الأربعة عشر ألف تركي وأربعين ألف مملوك أسود، بالإضافة لسبعة آلاف من المرتزقة.
وقام الأخشيديون بالسير على نفس السياسة، حتى أن محمد بن طغج الأخشيد مؤسس دولتهم في مصر 323- 358 هـ (935-969م) ، جعل منهم جيشا يضم أربعمائة ألف من الديلم والترك، بالإضافة لحرسه الخاص الذيَ تجاوز الثمانية آلاف.
وأعتمد الفاطميون خلال حكمهم في أفريقيا على المغاربة المصامدة، وعندما استولوا على مصر عام 358هـ (969 م) استكثروا من الديلم والأتراك والغز والأكراد.
أما الأيوبيون، فإن استكثارهم من المماليك كان سببا في قيام الدولة المملوكية، حيث إنهم قاموا منذ وقت مبكرين دولتهم 597 هـ (1200م) ، بجلب أعداد كبيرة من المماليك الصغار عن طريق النخاسين الذين كانوا يحضرونهم من شبه جزيرة القرم، وبلاد القوقاز والقفجاق، وما وراء النهر، وآسيا الصغرى، وفارس، وتركستان، وحتى من البلاد الأوربية حيث ازدهرت حركة تجارة لنخاسة في أوربا قبل عصر المماليك، ومارسها البنادقة والجنويون فكانوا يشترون المماليك من سواحل البحر االأسود ويبيعونهم في مصر، فبلغ من كانوا يبيعونهم في العام الواحد ألفين من المغول والشراكسة والروم والألبانيين والصقالية والعرب.