ولقائل أن يقول إذا نصبنا لم نعتقد الخبر إلا محذوفا. ولا يحسن الرد بهذا على من جعل "إلا"خبرا، مع تجويزه الوجوه السابقة. والله أعلم.

خامسها: أن "لا إله"في موضع الخبر، و"إلا الله"في موضع المبتدأ. ذكر ذلك الزمخشري في كلام تلقفه عنه بعض تلامذته، وكتب ما ملخصه: اعلم أن متقدمي الشيوخ ذهبوا إلى أن قولنا: لا إله إلا الله، كلام غير مستقل بنفسه، بل بتقدير خبر، أي في الوجود، أو موجود، أو لنا. تقدير قولنا: لا رجلَ في الدار إلا زيدٌ. فجعلوا الكلام جملتين. وليس كذلك، ولا يحتاج إلى تقدير، لأن الكلام لا يخلو من وجهين: أحدهما أصل الكلام. الثاني: تفريع يزيد الكلام تحقيقا، وفائدة زائدة.

نحو: ما جاءني رجل. يفيد نفي واحد غير معين، فيجوّز السامع مجيء اثنين. [فلذلك يصحّ أن يقول: ما جاءني رجل بل رجلان] . فإذا قيل: ما جاءني من رجل، [فيعلم السامع أنه لم يجئه أحد من جنس الرجال] ، فلم يصحّ: ما جاءني من رجل بل رجلان.

وكذا {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} (?) و {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ} (?) ، لو لم يأت بـ "ما"جوّزنا أن اللين واللعن كانا للسببين المذكورين ولغيرهما، وحين دخلت "ما"قطعنا بأن اللين لم يكن إلا للرحمة، وأن اللعن لم يكن إلاّ لأجل نقض الميثاق.

والاستثناء من تفريعات الكلام يزيده تأكيداً، فأصل الكلام: جاءني زيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015