يشترط فيما يصاغ منه فعلا التعجب أن يكون ثلاثياً، فلا يبنيان من دحرج وضارب واستخرج. إلا ما كان على وزن (أَفْعَلَ) فقيل: يجوز مطلقاً، وقيل: يمتنع مطلقاً، وقيل: يجوز إن كانت الهمزة لغير النقل، نحو: ما أظلم الليل، وما أقفر هذا المكان! وشذّ على هذين القولين: ما أعطاه للدراهم، وما أولاه للمعروف!، وعلى الثلاثة: ما أتقاه، وما أملأ القربة! لأنها من اتقى وامتلأت [171] .
قال خطّاب [172] : "قد يتعجبون من لفظ الرباعي على غير قياسٍ في قولهم: ما أعطاه، وما أولاه، وما آتاه للمعروف! ولكنها شاذة، والشاذ يحفظ حفظاً ولا يقاس عليه. وقد شرحناها في كتاب الدلائل وفي كتاب الترجمة [173] .
المسألة الثانية:
يشترط فيما يبنى منه فعلا التعجب ألاّ يكون مبنياً للمفعول، فلا يبنيان من نحو ضُرِب، لا يقال: ما أضربَ زيداً! وأنت تتعجب من الضرب الذي حلّ به. وبعض النحاة يستثني ما كان ملازماً لصيغة (فُعِلَ) نحو: عُنيت بحاجتك، وزُهي علينا. فيجيز: ما أعناه بحاجتك، وما أزهاه علينا! [174] .
وقال ابن مالك في التسهيل: "وقد يبنيان من فعل المفعول إن أُمن اللبس".
قال ابن عقيل في شرح التسهيل [175] : "قالوا: ما أشغله! من شُغِل، وما أجنَّه! من جُنَّ، في ألفاظ. وهو في التفضيل أكثر من التعجب، كأزهى من ديك، وأشهر من غيره، وأشغل من ذات النحيين. واختار المصنف (يعني ابن مالك) أن نحو هذا وهو ما لا يلبس لا يقتصر فيه على السّماع، وهو مذهب خطّاب المارديّ. والمصحح أنه لا يجوز إلا حيث سمع، وهو قول الجمهور.