بل نجد خطّاباً يتهم حمزة بالجهل بالعربية، ويجعل ذلك سبيلا لردّ قراءته. ومن ذلك أنه يرى أن إسكان لام الأمر مع "ثم " يكون في ضرورة الشعر، ولا يجوز في الكلام. قال: "وإن كان حمزة قد قرأ {ثّم لْيقْطَعْ} [105] بسكون اللام، لأنه لم يكن له علم بالعربية" [106] .
قال السيوطي: "وهو مردود", قال أبو حيان: "ما قرئ به في السبعة لا يردّ ولا يوصف بضعف ولا بقلة" [107] .
ويستدل خطّاب بالقراءة إذا وافقت القاعدة النحوية، ومن ذلك رفع الفاعل بفعل محذوف بعد المفعول الذي لم يُسمَّ فاعله، نحو: ضُربَ زيدٌ وعمرو. قال: "وعلى ذلك قراءة بعضهم {وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُم} [108] أي زيّنه شركاؤهم" [109] .
وهذه القراءة شاذة ذكرها ابن جني في المحتسب، ونسبها إلى أبي عبد الرحمن السلمي، قال أبو الفتح: "يحتمل رفع "شركاء"تأويلين: أحدهما وهو الوجه أن يكون مرفوعا بفعل مضمر دلّ عليه قوله "زين"كأنه لما قال: "زُيّن لكثير من المشركين قتلُ أولادهم "قيل: من زيّنه لهم؟ فقيل: زيّنه لهم شركاؤهم، فارتفع الشركاء بفعل مضمر دلّ عليه "زُين " [110] .
وقد يذكر القراءة الشاذة على وجه الإنكار، ومن ذلك قوله: "حكى أبو حاتم (السجستاني) عن هارون القارئ أن الأعمش قرأ {وما كان صلاتَهم عند البيت إلا مكاءٌ وتصديةٌ} [111] فنصب الصلاة ورفع المكاء والتصدية، وهذا من شواذ القراءات" [112] .
قال السمين [113] : "وخطّأ الفارسي هذه القراءة، وقال: لا يجوز أن يخبر عن النكرة بالمعرفة إلا في ضرورة…"
وقد حاول ابن جني توجيه هذه القراءة ودفع القبح أو اللحن عنها [114] .
موقفه من القياس والسماع:
"إنما النحو قياس يتبع". ولهذا قيل في حد النحو [115] : "إنه علم بمقاييس مستنبطة من استقراء كلام العرب".