هذا المصنف من أبرز مصنفات الإمام النسائي - رحمه الله - وقد سلك في تأليفه مسلك أبي داود في سننه، فخرّج الصحيح وما دونه، وأحاديث أبان علتها بما يفهمه أهل المعرفة، لتزول الشبهة، وذكر بعض العلماء أنه في مقام الحسن حينما لا يرد في الباب غيره، لأنه مقدم عند الإمام النسائي على رأي الرجال [155] ، ومن هنا نعلم أن الإمام النسائي قد جمع بين أعمال من سبقه، مع حظ وافر في بيان العلل، وقد اجتبى منه كتابه (السنن الصغرى) , (أو المجتبى) . ومن هنا ندرك سر الخلاف بين العلماء في تحديد منزلة سنن النسائي, لكن ربما يقول قائل: إن منشأ الخلاف النظر إلى الشرط وليس النظر إلى الأصل والمختصر, فإن من العلماء من أطلق الصحة على سنن النسائي، بالنظر إلى أن شرط الإمام النسائي هو شرط الشيخين، بل إن له شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم [156] . وقال آخرون: "إن شرطه في كتابه المذكور شرط أبي داود، إخراج حديث من لم يجمع على تركه [157] . وعلى هذا القول يكون في قول من أطلق الصحة [158] على سنن النسائي تساهل. وذهب بعض العلماء إلى أن المجتبى هو الذي يعتبره العلماء صحيحا، ويخرجون عليه الرجال، ويعملون في الأطراف [159] . وهذا الرأي - في نظري- جيد، ويجمع بين النظرين السابقين. وبالله التوفيق.
أما الإمام النسائي. فهو: أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب بن علي النسائي، أحد الحفاظ الأعلام، إمام في الحديث وعلله، من أئمة الجرح والتعديل، تضلع في العلوم، ومارس المعضلات من المسائل والفنون، حتى مهر وتقدم في هذا الشأن، وأصبح من حذاقه ونقاده, ولد سنة أربع عشرة- أو خمس عشرة- ومائتين من الهجرة [160] ، في خراسان، في قرية نساء، ونسب إليها.
6- سنن ابن ماجة: