وأصحاب الاتجاه الثاني عرّفوه بأنه: هو المتناول لواحد لا بعينه باعتبار حقيقة شاملة لجنسه. ومعنى هذا التعريف: أن المطلق هو اللفظ الذي يشمل فرداً واحداً غير معين بمعنى أن ذلك الفرد المتناول بالمطلق فرد منتشر شائع في جنسه، وشيوع المدلول في جنسه يعني كونه حصة محتملة لحصص كثيرة على سبيل البدل بمعنى أنها يمكن أن تصدق على كلِ حصة من تلك الحصصِ من غير أن تستغرقها وبلا تعيين. فمثلاً (رجل) لفظ يتناول شخصًا واحداً فليكن زيداً مثلاً، ولكن تناوله له ليس معناه أن ذلك الواحد تعين أن يكون مدلولا له، ولا يحتمل أن يصدق على غيره بل هو فرد منتشر في جنس الرجل، وحصة واحدة شائعة محتملة لحصص كثيرة كعمرو وبكر وسعيد وغيرهم ممن يشملهم جنس الرجل، فرجل يمكن أن يصدق على عمرو بدل زيد، وعلى بكر بدلهما، وعلى سعيد بدلهم، ولكنه عندما تصدق عليهم لا يستغرقهم ولا يشملهم دفعة واحدة، ولا يعين واحداً منهم بالتناول بل يتناول واحدا منهم فقط. فتناوله لهم بدلي وليس استغراقيا ولا تعيينيا، وذلك باعتبار حقيقة وهي: الإنسان الذكر شاملة لجنس الرجل.
وبهذا يخرج من التعريف العام لوجود الاستغراق فيه وكذلك خرج جميع المعارف لوجود التعيين فيه.
وقد ذكر بعض العلماء أن تعريف أصحاب الاتجاه الثاني أقرب إلى أسلوب الأصوليين، لأنه يجعل مدلول المطلق هو الأفراد، أما تعريف أصحاب الاتجاه الأول فإنه يجعل مدلوله الماهية من حيث هي.
ووجه الأقربية أن كلام الأصوليين في قواعد استنباط أحكام أفعال المكلفين والتكليف متعلق بالأفراد لا بالمفهومات الكلية التي هي أمور عقلية، والتي تعتبر الماهية من حيث هي هي منها وإجراء الأحكام على المطلق يكون في ضمن الأفراد لا في ضمن الماهية لأن المقصود وجود ما تعلق به التكليف والحكم، والوجود يتأتى للجزئيات والأفراد أما الماهية من حيث هي هي فلا وجود لها في الخارج.