ثم إن جعل {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِك} بيان مجمل سواء كان المجمل الأهل أو الاستثناء المجهول، يلزمه تأخير البيان عن وقت الحاجة؛ لأن وقت الحاجة هنا هو وقت الامتثال بالأمر بالإركاب، وقبل غرق الابن وقوله: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِك} كان بعد الغرق، وتأخير البيان من وقت الحاجة ممتنع بالاتفاق، فدعوى كونه بيان مجمل في حيز المنع.
ورغم دفع الاعتراض عن هذا الدليل، فإن هذا الدفع لا يبرر ضعف الدليلِ ولا يثبت صلاحيته لإِثبات كون (أنه ليس من أهلك) تخصيصاً، لأنه على كونه تخصيصًا يلزم تأخير بيان التخصيص عن وقت الحاجة وهذا ممتنع اتفاقاً.
فإذاً لا يخلو هذا الدليل من ضعف ولا ينهض حجة للمستدلين به على جواز تراخي التخصيص.
والذي يظهر أن الأصوب أن يكون {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِك} بيان تقرير لما أراده الله من الأهل وهو الأتباع مع القرابة، وأمره عليه السلام ابنه بالركوب لظن إيمانه حيث كان مستور الحال كما ذكرنا، والله أعلم.