فمثلا: لو أنقص الشارع من الصلاة الرباعية ركعتين واقتصر عليهما، فإن الركعتين عبادة أخرى غير الرباعية لا أنهما بعض منها.
ويدل على نفي هذه البعضية أن من صلى الصبح أربعا لا يعتبر أنه أتى بالواجب وزيادة. فلو كانت الركعتان بعضا من الأربع للزم أن يكون آتيا بالواجب وزيادة لأن الدرهم الواحد لما كان بعضا من الدرهمين، كان الذي وجب عليه درهم فتصدق بدرهمين آتيا بالواجب وزيادة.
وأجيب عن هذا الدليل:
بأن كون البعض الباقي مستأنف الطلب في حيز المنع، لأن الطلب الأول بالنسبة له ما زال باقيا، وأن عدم اعتبار صلاة ممن صلى الصبح أربعا لا ينفي هذه البعضية لأن عدم الاعتبار هذا لا دخل له بالبعضية، أوعدمها، وإنما هو ناشئ من تحريم الزيادة في الصلاة.
ولذا فإن الزيادات عندما لا تكون محرمة، أو محرمة لكن لا لذاتها، يكون الآتي بالمزيد عليه مع الزيادة آتيا بالمطلوب حيث يكون المزيد عليه مجزئا فلا يشكل عليه التصدق بدرهمين رغم كون المطلوب واحدا، لأن الضم والزيادة ليست محرمة ولا بالزيادة في الجلدات، حيث تكون الجلدات المقررة مع الزيادة مجزئة. لأن الزيادة وإن كانت محرمة إلا أن تحريمها ليس لذاتها، بل لكونها إضرارا بالمجلود.
فإذا علمنا أن الزيادة في الصلاة محرمة لذات الزيادة ظهر لنا الفرق بينها وبين التصدق والجلد.
دليل المذهب الثالث
استدل الذاهبون إلى أن نقص الجزء نسخ دون الشرط بما يلي:
إن نقص الجزء رفع لنفي إجزاء الكل من دون ذلك الجزء. حيث كان الكل لا يجزئ بل النقص من دون ذلك الجزء، لأن ذلك الجزء"كان داخلا في ماهية الكل محققا مع الأجزاء الأخرى لحقيقته. وبالنقص أصبح مجزئا بدونه فارتفع عدم الإِجزاء. وهو حكم شرعي إن كان الكل مطلوبا شرعا فيكون رفعه نسخا.
وأما الشرط فإنه تابع للمشروط خارج عن ماهيته.