ولا شك أن مقالاته الفكرية قد فتحت قلوب العلماء المفكرين النائمة وجعلتهم يفكرون في مستقبل الإسلام والمسلمين والأوضاع الخطيرة المحيطة بهم من كل جانب والنتيجة الوخيمة التي تأتي على الأمة المسلمة إذا تركت بلا قيادة دينية محكمة وفعلا إنها فتحت قلوب أمثال المجاهد البطل محمد إقبال الشاعر الإسلامي رحمه الله الذي أرسل خطابا إلى المودودي يقول فيه إن بيئة بنجاب وجوها أليق وأحسن من حيدر آباد لغرس فكرته ودعوته، ولابد من السفر إليها، وبُعَيْدَ وصول هذا الخطاب انتقل الأستاذ من حيدر آباد إلى بتان كوت ببنجاب سنة 1938م.
وبعد أن بذل جهوده المباركة طوال تسع سنوات ازداد عدد المؤيدين له من أرجاء الهند، وفي 26 آب سنة 1941م اجتمع 75 رجلا من رجال العلم والدعوة الذين تأثروا بدعوته وفكرته والذين وجد فيهم استعدادا كاملا للاضطلاع بأعباء هذه المهمة العظيمة، والجهاد في سبيلها بالنفس والنفيس، احتشدوا في دار السلام في بتان كوت ببنجاب الشرقية. وبعد طول البحث والنقاش والتشاور اتفقت كلمتهم على تكوين حركة ((الجماعة الإسلامية)) . وقد صرح الأستاذ المودودي في مناسبة انتخابه أميرا لهذه الحركة بكلمته الرائعة المشهورة وهي ((أحب أن أتولى وظيفة ساعي البريد تحت نظام إسلامي صحيح أكثر مما أحب أن أنتخب رئيسا أو وزيرا تحت نظام غير إسلامي)) .
وعقب استقلال الهند وانقسامها إلى قسمين: الهند وباكستان انقسمت الجماعة الإسلامية إلى قسمين: الجماعة الإسلامية الهندية، والجماعة الإسلامية الباكستانية، والأستاذ المودودي يحاول باذلا طاقاته أن يقيم في باكستان دولة إسلامية مثالية. وقد صرح قائلا أثناء محاضرته في كلية لاهور في شهر يناير سنة 1948م: " إن باكستان لابد أن تكون دولة إسلامية صحيحة ولابد أن تنفذ فيها القوانين الإسلامية بدل القوانين الأجنبية الوضعية ".