إن من أبرز ما يجد الباحث من صفات الإمام حرصه الشديد على وقته، ومثابرته على خدمة العلم، كما يجد التواضع الجم صفة ملازمة له رغم تلك الجهود العلمية التي تسمو به إلى درجات عُلى، كان رحمه الله لا يرى لنفسه مزية، يجل من سبقه في هذا الميدان، ويجهل من يدعي العلم، ويترك الإفادة من جهود السابقين يقول رحمه الله: اعلم أن بعض الناس يفتخر ويقول: كتبت هذا وما طالعت شيئاً من الكتب، ويظن أنه فخر، ولا يعلم أن ذلك غاية النقص، فإنه لا يعلم مزية ما قاله إلى ما قيل، ولا مزية ما قيل إلى ما قاله، فبماذا يفتخر؟! [52] وقد ذكر الزركشي رحمه الله أنه اجتمع عنده من مصنفات الأقدمين ما يزيد على المائتين [53] . قلت: ولا يعارض ما سلف من أنه لم يشتر كتاباً فقد يحمل عدا الشراء على بداية الطلب. والاقتناء على حالة التصنيف أو على أنه طالع هذا العدد من المصنفات والله أعلم. ويؤيد جانب التواضع عند الزركشى قوله: ومع هذا ما كتبت شيئاً إلاخائفاً من الله مستعيناً به، معتمداً عليه، فما كان حسناً فمن الله وفضله، وما كان ضعيفاً فمن النفس الأمارة بالسوء [54] . قلت: وهذا ورب الكعبة لهو أساسا النجاح في الأعمال وسر السعادة والفلاح في الآخرة.
وكان من صفاته الحذق وتذوق العلوم، فقد كان ناقداً بصيراً، ولم يكن جماعاً دون تمييز بين غث وسمين ومؤلفاته خير دليل على هذا ومنها تصحيح العمدة هذا، والنكت وله في كل علم جولة تشهد له بالحذق والإتقان.
عقيدته: