أما الإِمام البخاري فباختصار هو أبو عبد الله، محمد بن إسماعيل، البخاري إمام المحدثين بغير منازع، وسيد الحفاظ والمتقنين لم نسمع بأحفظ منه ولا أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقاصده، وما صنع في كتابه الصحيح خير دليل على ما نقول فله الرواية والدراية، ولد في مدينة بخارى من بلاد خراسان، في سنة أربع وتسعين ومائة من الهجرة، تحدث عنه الأئمة بما يذهل من بداية طلبه هذا الشأن إلى وفاته، وكانت بقرية من قرى سمرقند، سنة ست وخمسين ومائتين من الهجرة [15] رحمه الله.
2- صحيح مسلم.
اقتدى الإمام مسلم بأستاذه الكبير الإِمام البخاري في العناية بالصحيح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن مسلماً خالف أستاذه في الطريقة والمنهج ومن هنا قال بعض الأئمة: ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم بن الحجاج [16] ، وقد كانت عناية الإمام مسلم بمؤلفه هذا شبيهة إلى حد كبير بعناية شيخه بمؤلفه. منها:
أ- تحقيق جانب العلم بهذا الشأن رواية ودراية قال الإمام مسلم رحمه الله: إن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها، وثقات الناقلين لها، من المتهمين، ألا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه، والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم، والمعاندين من أهل البدع [17] . وهذا مبدأ التثبت في النقل.
ب- الانتقاء قال الإمام مسلم رحمه الله: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة [18] .
جـ- التروي وعدم العجلة قال الإمام مسلم: ما وضعت في كتابي هذا المسند إلا بحجة، وما أسقطت منه شيئاً إلا بحجة [19] .