مع بداية القرن الرابع عشر الهجري، ظهر ضعف الدولة العثمانية، والعالم الإسلامي للعيان، وفقدت وزنها أمام الدول الأوروبية القومية المتغطرسة، وخاصة روسيا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والنمسا، وإيطاليا. فاتجهت تلك الدول لاقتسام أملاك الدولة العثمانية فيما أسموه: حل المسألة الشرقية [10] ، وقد ازداد الإنتاج الصناعي في تلك الدول، وسيطرت عليها الرأسمالية، واشتدت حركة القوميات [11] ، ورغبة السيطرة، وشهوة التسلّط، فأخذت تتسابق على المستعمرات للحصول على المواد الأوّلية الرخيصة الثمن، السوق الأعظم لاستهلاك المواد المصنّعة، فأدى ذلك إلى اشتداد المنافسة بينهما، فتكونت نتيجة ذلك الأحلاف، إذ تقاربت بريطانيا وفرنسا وروسيا رغم ما بينها من عداء. فانقسمت أوربا إلى كتلتين متنافستين، واشتد سباق التسلّح، ومع وجود الأزمات - وخاصة أزمة البلقان - اندلعت شرارة الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م) التي انتهت بانتصار الحلفاء وهم: بريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا (التي انضمت للحلفاء أثناء الحرب) والولايات المتحدة (التي عادت لعزلتها بعد انتهاء الحرب) .
وقامت الدول المنتصرة بإنشاء عصبة الأمم، وقد هيمنت عليها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، واتخذتها ستاراً لاقتسام العالم. واعتبرتها هيئة دائمة، تشدّ أزرها الحكومات القومية.
وتألفت عصبة الأمم من جمعية عمومية مؤلفة من مندوبين يمثلون الدول الأعضاء في العصبة، تنعقد مرة كلّ عام لمدة شهرين في جنيف مقرها الدائم، ومن مجلس كان يتكون أولا من تسعة مندوبين، خمسة منهم ينوبون عن الدول الكبرى التي لها كراسي دائمة في مجلس العصبة وينعقد هذا المجلس أكثر من مرة في العام. وتعدّ سكرتارية العصبة (وهي هيئة دولية من الموظفين المدنيين) أعمال الجمعية والمجلس [12] كما أنها تشرف على تنفيذ أعمالها [13] .