ومن هذا نرى أن التكتلات والأحلاف في الإسلام لا تقوم على أساس من المصلحة الاقتصادية أو السياسية ... وإنما تقوم على الأسس التي وضعها الله سبحانه وتعالى، تلك التي ذكرناها، وعلى الوفاء بالعهد (ومنه المعاهدات الدولية) وعدم الغدر، خدمة للبشرية، وتنفيذا لما يأمر به الإسلام لتتحقّق الخيرية، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [8] ، فالمسلمون مطالبون بأن تكون تكتلاتهم وأحلافهم على هذه الأسس التي بيّنها لهم الإسلام، وشرعها الله سبحانه وتعالى لهم، وليس على المصالح الدنيوية الآنية الزائلة.
وقد تميّز الزمن المعاصر بتقارب المسافات بين دول العالم، وشعوبه، وباتصال المجتمعات، وتشابك المصالح، وتعقّدها، وذلك يعود إلى: سهولة المواصلات البرية، والبحرية، والجوية، وتوافر وسائل الإعلام وتقدمها من صحافة، ومذياع، وتلفاز، وخيّالة، وفيديو، واتصالات سلكية ولا سلكية، وأقمار صناعية، وما حصل من تقدم علمي في مجال الفضاء، وسهولة تبادل النقد عن طريق البنوك، والمصارف، والحوالات، والشيكات، كما تميّز بالحرب الباردة بين ما يسمى (بالمعسكر الاشتراكي الذي تتزعمه روسيا) ، وما يسمى (بالمعسكر الديمقراطي الغربي الذي تتزعمه أمريكا) ، وبأساليب الجاسوسية المبتكرة، والتسابق في التسلح، والتنافس في إنتاج الأسلحة الفتاكة المدمرة وتكديسها، والتفنن في إدخال التعديلات عليها وتطويرها، وبالقلق الناتج عن البحث وراء الماديات، والتسابق في اقتناء الكماليات التي تغرق الأسواق، مع بريق الإعلانات والدعايات، وتسهيل الحصول عليها بالتقسيط!! وبخفوت الفكر الديني، والفراغ العقدي.