3- وأول ما يعرض من الشك في ادعاء كهذا هو ما ينطوي عليه من اتهام لهؤلاء الصحابة برقة الدين حتى أنهم ليلقون سلاحهم، ويفكرون بإعطاء الدنية التي تقربهم بل تعرضهم للارتداد. لأن أهل النفاق والشرك لن يرضوا عنهم بأقل من العودة إلى وثنيتهم.. وهو تصور مستحيل في حقهم، ولا سيما بعد استقرار الإيمان في قلوبهم ومشاهدتهم الآيات، وعيشهم في غمار الوحي، والتأثر العميق بالتربية النبوية، وبخاصة أن بينهم بعض كبار الصحابة والمبشرين وحسبنا أن نذكر منهم عمر الفاروق رضي الله عنه الذي يقول فيه ابن مسعود: "ما زلنا أذلة حتى أسلم عمر..".
4- إذا أعدنا النظر في هذه الرواية كما جاءت في تاريخ ابن كثير نلاحظ أنه عقب عليها بما يدحضها ويرذلها، وذلك قوله: "وهذا غريب جدا وفيه نكارة"ومرد تلك إلى أمرين: متن القصة الذي لا يتفق مع إيمان أولئك الصحابة الذين أسهموا في تثبيت صرح الإسلام وإعلاء رايته قبلا وبعدا، ثم إسناد القصة الذي فيه مجهولان، وهما شيخ ابن جرير وشيخ شيخه، وأسباط عن السدي، والأول مجروح بكثرة الخطأ والإغراب، والثاني منبوذ بالتشيع.. ورائحة التشيع أبرز شيء في هذه القصة.. هذا فضلا عن الانقطاع الذي لا يخطئه النظر، إذ تقف الرواية عند السدي، ثم لا ندري عمن رواها.. وكفى بهذا مفنداً ومكذباً.