الإشارة إلى ما تقدم من الوصايا، وما فيها من الأمر والنهي، وتلك الوصايا لا ريب أن من تدبرها وتذكرها أدرك ما فيها من عظيم النفع في الدنيا والآخرة، فجاء هذا القول الكريم مشيراً إليها ليتم الأمر بتذكرها وتدبر معانيها فقال: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (الأنعام: من الآية152) أي لتتذكروا ما فيها من الأوامر فتبادروا إلى عملها، وتعلموا ما فيها من النواهي فتسارعوا إلى تركها واجتنابها وبذلك تشاع الفضيلة في المجتمع المسلم ويبادر الناس زرافات ووحدانا إلى التواصي بالحق والتواصي بالصبر وإذا حصل التذكر بالقلب، حصل التذكير باللسان والتواصي بالخير، ويحصل بذلك الاتعاظ لمن أدركته الغفلة، أو ألهته شواغل الحياة.

وتجدر الإشارة إلى أن الرازي رحمه الله سجل جواب سؤال محتمل الورود فقال: "فإن قيل: فما السبب في جعل خاتمة الآية الأولى بقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (الأنعام: من الآية151) وخاتمة هذه الآية بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون} (الأنعام: من الآية152) ؟ "قلنا: لأن التكاليف الخمسة في الآية الأولى ظاهرة جلية، فوجب تعقلها وتفهمها، وأما التكاليف الأربعة المذكورة في الآية فأمور خفية غامضة، لابد من الاجتهاد والفكر، حتى يقف على موضع الاعتدال، فلهذا السبب قال: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [76] . وللألوسي رحمه الله رأي قال فيه: "ويمكن أن يقال: إن أكثر التكاليف الأول أدي بصيغة النهي، وهو في معنى المنع، والمرء حريص على ما منع، فناسب أن يعلل الإيصاء بذلك؛ بما فيه إيماء إلى معنى المنع والحبس، وهذا بخلاف التكاليف الأخر، فإن أكثرها قد أدي بصيغة الأمر، وليس المنع فيه ظاهرا، كما في النهي، فيكون تأكيدا، والمبالغة فيه ليستمر عليه، ويتذكر إذا نسي [77] .

الأحكام

1- وجوب الوفاء بجميع العهود والمواثيق الشرعية وما يوافقها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015