أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [52] . وهذه الآية الكريمة نصت على معنى الحديث الآنف الذكر ولو رغبنا في التعرض لنفحات الخير والحصول على الأدب الرفيع الذي أمر به الرب الكريم في هاتين الآيتين لطالت بنا الوقفة غير أني أذكر تحليلاً لطيفا للشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله قال: القوام هو المبالغ في القيام بالشيء، وهو الإتيان به مقوما تاماً لا نقص فيه ولا عوج، وقد حذف هنا ما أمرنا بالمبالغة في القيام به فكان عاماً شاملا لجميع ما أخذ علينا الميثاق به من التكاليف حتى المباحات، أي كونوا من أصحاب الهمم العالية، وأهل الإتقان، والإخلاص لله تعالى في كل عمل تعملونه، من أمر دينكم أو أمر دنياكم.

ومعنى الإخلاص لله في أعمال الدنيا: أن تكون بنية صالحة، بأن يريد العامل بعمله خيرا، والتزام الحق من غير شائبة اعتداء على حق أحد، أو إيقاع ضرر به. ومنطلق هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم: "الأعمال بالنية" [53] . والشهادة بالقسط معروفة، وهي أن تكون بالعدل بدون محاباة مشهود له، ولا مشهود عليه، لا لقرابته وولائه، ولا لماله وجاهه، ولا لفقره ومسكنته، فالشهادة هنا عبارة عن إظهار الحق للحاكم ليحكم به، أو إظهاره بالحكم به، أو الإقرار لصاحبه.- وهذا عين العدل في القول -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015