(الميزان) : المراد: الموزون من إطلاق اسم المحل على الحال. فالميزان آلة الوزن مثل (الكيلو) و (الجرام) وبهذه المناسبة يحسن أن نذكر حديثاً أخرجه أبو داود رحمه الله قال: "حدثنا عثمان بن أبي شيبة [20] ، حدثنا ابن دكين [21] ، حدثنا سفيان [22] ، عن حنظلة [23] ، عن طاووس [24] ، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة" ثم [25] هذا الحديث تنوعت أقوال العلماء فيه فذهب بعض العلماء في فكره مذهباً بعيدا إذ فسر هذا الحديث بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بهذا القول أن يضع قاعدة عامة يضبط الناس بها معاملاتهم وزناً وكيلا، فجعل ميزان أهل مكة ومكيال أهل المدينة أساساً لمقادير الأوزان العالمية المتنوعة في البلدان بحسب تنوع الأعراف فيها، ولاريب أن تنوع الأعراف غالباً ما يكون سبباً في الاختلاف لاسيما في المعاملات، ففهم صاحب هذا الرأي أن الحديث الشريف جاء حاسماً لأي اختلاف قد يطرأ مرشداً إلى ما يحدد المقدار مما يكال ويوزن وذلك بالرجوع إلى ميزان أهل مكة، ومكيال أهل المدينة فتخضع جميع مقادير الموازين العالمية عند الاختلاف لمقدار ميزان أهل مكة، فتخضع جميع مقادير المكاييل العالمية لمقدار مكيال المدينة. والحق أن من ذهب إلى هذا الفهم وأول الحديث الشريف عليه قد أبعد النجعة ولم يحالفه الصواب. إذ أن ما عليه أكثر الفقهاء وعلماء الأمصار خلاف هذا الفهم، ولأن الشريعة الإسلامية لم تغفل العرف وجعلت له دوراً في حل كثير من القضايا وبيان ذلك لو أن رجلاً أقَر لرجل بموزون أو مكيل لكن وقع بينهما خلاف في المقدار، فإن الشرع في هذه الحال يعطي العرف دوره في حل هذا الاختلاف وذلك بأن يحكم في تحديد المقدار بما تعارف عليه أهل البلد الذي تم فيه التعامل وهو حكم لا غبار عليه. والأمر الهام الذي جاء الحديث الشريف ليعطي فيه قاعدة شرعية هو نوع واحد من الموزون ذلك النوع