وقال الألوسي رحمه الله: "وأياً ما كان فهو من الشدة أي القوة أو الارتفاع من شد النهار إذا ارتفع، ومنه قول عنترة:
عهدي به شد النهاركأنما
خضب الليان ورأسه بالعظلم [8]
وقول الآخر:
تطيف به شد النهار ضعينة [9]
طويلة أنقاء اليدين سحوق [10]
والذي يظهر لي والله أعلم أن المراد بالأشد في شأن اليتيم بلوغ الحلم مع حسن التصرف وهو المبين في قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [11] . وبلوغ الحلم هو بلوغ النكاح، لكنه مشروط بإيناس الرشد. فكم من كبير غير رشيد ولا يحسن التصرف وهذا ما رجحه الشوكاني رحمه الله قال: "والأولى في تحقيق بلوغ الأشد، أنه البلوغ إلى سن التكليف مع إيناس الرشد، وهو أن يكون في تصرفاته بماله سالكاً مسلك العقلاء، لا مسلك أهل السفه والتبذير" [12] .واستدل رحمه الله بالآية السابقة.
الإيضاح
يقول تعالى في هذه الوصية: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ} (الأنعام: من الآية152) إن مما حرم الله عزوجل على عباده مقاربة مال اليتيم، والدنو منه باتخاذ الأسباب الموصولة إليه بمعنى أنه لا يجوز لمسلم أن يدنو من سبب يؤدي به التصرف في مال اليتيم ومقارفته والمنع موجه لكل من ولي أمر يتيم مباشرة، أو بواسطة وليه أو وصيه القائم على شئونه. وهذا نهي عن جميع التصرفات التي لا تعود بنفع ولا تدفع ضررا.
{إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن} (الأنعام: من الآية152) :