المسألة الثانية: قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً} [4] .

(أصحاب الجنة) رفع بالابتداء والخبر (خير) وفيه ضمير يعود على المبتدأ ولم يجمع الخبر مجمع المخبر عنه لأن من مرادة هنا، والتقدير: أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً من غيرهم [5] وساغ حذفها لمكان العلم بها، ومن يسوغ حذفها إذا وقعت في الخبر نحو: قوله تعالى: {اللَّهِ أَكْبَرُ} [6] ولا يحسن الحذف/ أ/35 معها إذا كانت صفةً، لأن الصفة تذكر للبيان والإِيضاح فهو بالإسهاب والإكثار أجدر منه بالحذف، وأفعل إذا كانت مشفوعةً بمن كانت في معنى الفعل ويبعد من شبه اسم الفاعل فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث بل يكون بلفظ واحدٍ في الأحوال كلها نحو قولك: زيد أفضل من عمروٍ والزيدان أفضل من خالدٍ، والزيدون أفضل من جعفرٍ، فالمراد أنه يفضلهم ويزيد فضله عليهم فلذلك لم يجمع وإن كان هو الأول في المعنى فأما قول السائلِ: إن الخبر هنا ليس هو الأول غير صحيح بل هو الأول إلا أنه لم يجمع لما ذكرناه، و (مستقراً) هنا نصب على التمييز والفعل له في الحقيقة: وإنما نقل إلى الأول حتى صار الفعل له في اللفظ كما يقال: طبت نفساً والمراد به طابت به نفسي، ولو أضفت وقلت: خير مستقر لم يصح أن يكون خبراً لأنه غير الأول حينئذ فلا يكون خبراً إلا على حذف مضافٍ تقديره: مستقر أصحاب الجنة يومئذ خيرٌ مستقرا، وأصحاب الجنة يومئذ ذوو خير مستقر لابد من ذلك، لأن أفعل لا تضاف إلا إلى شيء هو بعضه وأصحاب الجنة ليسوا من المكان الذي هو مستقر في شيء، ونظير ذلك لو قلت: يوسف أفضل عبد كان من العبيد، ولو نصبت فقلت: أفضل عبد لكان عبيده يفضلون عبيد غيره ولا يكون من العبيد.

فأما الظرف الذي هو (يومئذ) فإنه يتعلق بالخبر الذي هو خير وإن قُدِّمَ عليه.

مسألة الثالثة: عند، وسوى، وغير، وكل، هل يجوز تصغيرهن أو لا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015