يئس أهل طليطلة من نجدات المسلمين، ففاوضوا الاذفونش من أجل التّسليم، وكالعادة أعطى لأهلها الأمان لضمان حرّيّاتهم، واحترام شعائر دينهم، وحقوقهم، وحرمة مساجدهم، وكعادته أيضاً نقض هذه العهود بعد شهرين فقط، وحوّل مسجدها الجامع إلى كنيسة، وحطّم المحراب ليقام الهيكل مكانه (?) ،وارتكب بأهلها الأفاعيل وأنزل بها الآثام (?) ،تباركه الكنيسة في ذلك، واتّخذها عاصمة لأسبانيا النّصرانيّة. وكان سقوطها في منتصف المحرم سنة 478هـ.

وأسفر سقوط طليطلة عن نتائج هامة:

فقد اشتدّ طمع النّصارى في بلاد الأندلس الإسلامية، فشنّ الأذفونش الغارات على جميع الأندلس المسلمة، وفاز باستخلاص جميع أقطار ابن ذي النون واستئصالها، وذلك ثمانون منبراً، سوى البُنيّات والقرى المعمورات، وحاز من وادي الحجارة إلى طلبيرة، وفحص اللجّ، وأعمال شنزية كلّها، وتسمّى (بالإمبراطور) أو (الإمبراطور ذي الملتين الإسلامية والنّصرانية) . وطمع في ملوك الطوائف، وعاملهم معاملة الأتباع الأذلاّء (?) ، وتصوّر أنهم غدوا كافّة رهن إشارته، وطوع بنانه، وانّه سيقضي عليهم الواحد بعد الآخر، ورفض جزيتهم وردّها كما فعل مع ابن عباد، ووصفهم بالحمقى الذين تلقبوا بأسماء الخليفة وهم لا يملكون لأنفسهم ضرّاَ ولا نفعاً (?)

وتسلل اليأس إلى نفوس المسلمين من ملوك الطوائف، وغدت الأصوات اليائسة ترتفع، وفي ذلك يقول عبد الله بن فرج اليحصبي المشهور بابن العسّال أو غيره (?) :

يا أهل أندلس حثّوا مطيّكم

فما المقام بها إلا من الغلط

الثّوب ينسل من أطرافه وأرى

ثوب الجزيرة منسولاً من الوسط

ونحن بين عدوّ لا يفارقنا

كيف الحياة مع الحيّات في سفط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015