أما إعراب {أَرَأَيْتُمْ} فهي علمية تنصب مفعولين: الأول هو البينة، على نحو ما مرّ في قول نوح لقومه: {أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} في الآية الثامنة والعشرين من سورة هود. وأما المفعول الثاني فهو الجملة الاستفهامية: {أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} والرابط الذي ربط المفعول الثاني بالأول مقدر، والتقدير: فمن ينصرني من الله إن عصيته بكتمانها.

وكون الجملة الاستفهامية هذه هي المفعول الثاني لـ {أَرَأَيْتُمْ} رأي نقله صاحب الفتوحات الإلهية، وعلى هذا الرأي تكون الفاء الداخلة على الجملة الاستفهامية زائدة للتوكيد، وَعلى هذا الرأي أيضا يكون جواب الشرط {إِنْ كُنْتُ} محذوفاً دل عليه ما قبله، والتقدير: إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فأخبروني عنها من ينصرني من الله إن عصيته بكتمانها.

وقد ذهب أبو حيان في تفسيره البحر المحيط إلى أن الجملة الاستفهامية: {فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ} واقعة في جواب الشرط، وليست هي المفعول الثاني لأرأيتم، وفى رأيه أن المفعول الثاني محذوف دل عليه هذه الجملة الاستفهامية وقدّره: أأعصيه في ترك ما أنا عليه من البينة.

أما الرأي القائل: إن الشرط والجملة الاستفهامية الواقعة في جوابه، يسدّان مسدَّ مفعولي {أَرَأَيْتُمْ} .

فقد ردّه أبو حيان، وقال: إن الشرط وجوابه لا يقعان ولا يسدّان مسدّ مفعولي {أَرَأَيْتُمْ} .

وذهب أبو الحسن الأخفش إلى أن {أَرَأَيْتَ} إذا جاء بعدها الشرط، وجاء بعد الشرط جملة استفهامية مقترنة بالفاء كما في هذه الآية- تكون حينئذ بمعنى أمّا ولا يكون لها مفعولان ولا مفعول واحد.

وقد ردّ أبو حيان في تفسيره البحر المحيط هذا الرأي بأنه إخراج أرأيت عن مدلولها بالكلية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015