وخلاصة الكلام أن الحلال ما أحله الله وليس لأحد تحريمه، والحرام ما حرم الله، وليس لأحد تحليله, وإذا تعارضت مفسدتان , لا بد من ارتكاب إحداهما، وجب ارتكاب أخفهما، وإن تعارضت مصلحتان لا بد من تحقيق إحداهما وجب تقديم أعظمهما، والتحديد في كل ذلك يرجع إلى القواعد الإسلامية، والمعنيون بالبحث والمقارنة هم علماء الأمة، المعروفون بالورع والتقوى وخشية الله والتضلع من العلوم الإسلامية أصولها وفروعها، الذين لا يخافون في الله لومة لائم بل يقولون كلمة الحق ولو على أنفسهم، هؤلاء هم الذين يجب أن يسند إليهم البحث في مصالح الناس ومضارهم، وهم أهل الحق في تعيين المصلحة والمضرة وعلى ضوء بحثهم واجتهادهم يجب على الإمام أن ينفذ ما أشاروا به، ولا يلتفت لمعارضة أهل الأهواء ممن يدعون العلم وقصدهم الشهرة والتقرب إلى الإمام والرعية بإفتائهم بما يوافق أهواءهم وميولهم، ولو كان مخالفا للشريعة، كما هو حال أكثر العلماء في الأقطار التي اتخذ حكامها لأنفسهم دساتير غير دستور وقانون الإسلام، خلص الله المسلمين منهم وأبدلهم بهم خيرا منهم.