والحكمة في النهي عن الخروج عن الأئمة، والأمر بالصبر على ظلمهم وفسقهم واضحة جدا، فإن المصائب والمفاسد الحاصلة بسبب الخروج عليهم من سفك للدماء ونهب للأموال واستباحة للأعراض أعظم من ظلمهم، وما على المرء إلا أن يستعرض التاريخ قديما وحديثا ليرى صدق ما قلته، ولا أريد من هذا إدخال الحكام المفضلين لقوانين البشر، على شريعة الله والزاعمين بأن أحكام الإسلام لا تصلح لهذا العصر، الراقي في زعمهم، أقول لا أريد إدخال هؤلاء في عداد الأئمة الجائرين مع قيامهم بأحكام الإسلام واعترافهم بها، فإن الذين لا يعترفون بحكم الله شريعة ودستورا كفار صرحاء لا لبس في كفرهم، يجب على الأمة الإسلامية إذا استطاعت أن تنابذهم وتجتثهم من أصولهم لتضع مكانهم من يقوم بشرع الله الذي شرعه لعباده، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده الحديث".
حقوق الرعية على الإمام:
وكما أن للإمام حقوقا على رعيته فإن للرعية حقوقا عليه يجب أن يقوم بها خير قيام، وخلاصتها: أن يجتهد في تحصيل ما ينفعهم ودفع ما يضرهم في دينهم ودنياهم، ويبتعد عن غشهم وخيانتهم، ولا يتحقق له ذلك إلا بأمور..
الأول: أن يختار لوظائف الدولة الهامة أحسن من يظن فيهم القيام بها، خبرة وأمانة، وقدرة وإخلاصا وحكمة، ويحض كلا منهم على اختيار الأصلح فالأصلح للوظائف التي تحت مسئوليته، وهكذا يكون الاختيار ابتداء من أكبر وزير وانتهاء إلى أصغر موظف في الدولة، حتى يقوم كل منهم بواجبه الذي أسند إليه على أتم وجه وأكمله.