وكلام الزمخشري لا يتحصل منه الرابط العائد على المبتدأ، إذ قد نفى مذهب الكوفيين، ولم يقدر ضميراً محذوفاً كما قدره البصريون فرام حصول الرابط بلا رابط [154] ومما استدل به الكوفيون قول المرأة: زوجي: المس [155] مس أرنب والريح ريح زرنب فقالوا: الأصل مسه مس أرنب، وريحه ريح زرنب فنابت أل مناب الضمير، والبصريون يقدرون المس منه.

ومثله عند الكوفيين قول الشاعر:

عَوَازِبُ نخْلٍ أخْطَأ الفار مُطْنِفُ [156]

كأن حَفِيفَ النَّبْلِ من فوقِ عَجهَا

وقد رد البصريون كل ما أوردوه الكوفيون وذلك بتقرير الضمير الذي جعلوه في كل هذه الأمثلة هو الرابط إذ إبدال اللام من الضمير فيما يشترط فيه الضمير قبيح. والحرف لا يكون عوضاً عن الإسم [157] ، ولو صح ما ذهب إليه الكوفيون لساغ لنا أن نقول: محمد الأب [158] قائم، بدلاً من أبوه قائم، ولم يقل بذلك أحد. بالإضافة إلى أنه قد ورد التصريح بالضمير مع أل كقول الشاعر:

بِجَسِّ الندامى بقَّةُ المتجِّردِ [159]

رحيبٌ قِطَابُ الجيبِ منها رقيقةٌ

فقد جمع الشاعر بين أل والضمير في قوله: الجيب منها.

ثاني عشر: رابط من نوع آخر

هذا الرابط بفروعه يخص باب التنازع. فمعلوم أن التنازع هو عبارة عن تقدم عاملين [160] على معمول واحد كل من العاملين يطلب هذا المعمول من جهة المعنى. فهذان العاملان لابد من الربط بينهما لتتم الصلة المحددة للمعنى. ودون هذا الربط يصبح العاملان منقطعين فلا تتضح معالم الفكرة التي عناها المتكلم. لذلك عندما وقف بعض العوام في الآية الكريمة: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَة} [161] وقف على قوله تعالى: يستفتونك كان هذا الوقف غير جائز لأن جملتي الأعمال متشبثة إحداهما بالأخرى فوجب الربط [162] بين عاملي التنازع بأحد الأشياء الآتية:

أ - العمل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015