هذا التوجيه الإسلامي للسلوك الفردي والجماعي يبتدأ بالاستقامة الجماعية، ويتأيد هذا المعنى بالآية القرآنية الكريمة الواردة في سورة الأحقاف في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} .
ومن ثم يتلو مبدأ الاستقامة البشري من الله للمؤمنين بأن لهم النصر في الدنيا والآخرة وبما أعد الله لهم في الجنة من نعيم دائم، ثم ينتقل إلى الفرد ويرسم له حسن المعاشرة (أو التعايش) بين الناس بقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ, وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ, َمَا يُلَقَّاهَا إِلاّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} .
والاستقامة تتعلق بسلوك الإنسان ظاهرا وباطنا، وذلك بفعل المأمورات واجتناب المنهيات والمداومة على ذلك حتى الممات.
ويوجه الله سبحانه رسوله الكريم ومن تاب معه بالاستقامة فيقول سبحانه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} .
فالاستقامة للرسول صلى الله عليه وسلم أن يثابر على تبليغ أوامر ربه وعلى ما هو عليه من خلق عظيم، والاستقامة للمؤمنين هي التأسي بالرسول عليه الصلاة والسلام والثبات على الدعوة الإسلامية.
والطغيان غير وارد في حق الرسول الأعظم، وإنما هو تحذير من الله سبحانه للمؤمنين بعدم تجاوزهم الحدود التي يرسمها لهم لأنه لا يخفى عليه شيء فهو بصير بما يعملون.