ومعنى "لا تكذبوا عليَّ"قال الحافظ: "هو عام في كل كاذب، مطلق في كل نوع من الكذب. ومعناه - لا تنسبوا الكذب إليَّ، ولا مفهوم لقوله "عليَّ"لأنه لا يتصور أن يكذب له لنهيه عن مطلق الكذب. وقد اغتر قوم من الجهلة فوضعوا أحاديث في الترغيب والترهيب، وقالوا: نحن لم نكذب عليه، بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته، وما دروا أن تقويله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل يقتضي الكذب على الله تعالى، لأنه إثبات حكم من الأحكام الشرعية، سواء كان في الإيجاب أو الندب، وكذا مقابلهما وهو الحرام والمكروه. ولا يعتد بمن خالف ذلك من الكراهية حيث جوزوا وضع الكذب في الترغيب والترهيب في تثبيت ما ورد في القرآن والسنة واحتج بأنه كذب له لا عليه. وهو جهل باللغة العربية. وتمسك بعضهم بما ورد في بعض طرق الحديث من زيادة لم تثبت وهي ما أخرجه البزار وأبو نعيمِ قال البزار: حدثنا عبد الله بن سعيد ثنا يونس بن بكير ثنا الأعمش عن طلحة بن مصرف عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كذب عليّ ليضل به الناس ... " الحديث. وقد اختلف في وصله وإرساله ورجح الدارقطني والحاكم إرساله.
قال الهيثمي في سند البزار: "رجاله رجال الصحيح".
قلت: فيه يونس بن بكير من رجال مسلم لكنه صدوق يخطئ وقد وهم في سند هذا الحديث في موضعين.
قال الحاكم: "يونس بن بكير واهم في إسناد هذا الحديث في موضعين: أحدهما أنه أسقط بين طلحة بن مصرف وعمرو بن شرحبيل أبا عمار.
والآخر أنه وصل بذكر عبد الله بن مسعود، وغير مستبدع من يونس بن بكير الوهم"
وقال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث طلحة والأعمش، لم يروه مجوداً مرفوعاً إلا يونس بن بكير".
قلت: فدل هذا على أنه لم يصله بذكر ابن مسعود بالزيادة المذكورة غيره.
وأخرجه الدارمي من حديث يعلي بن مرة وهو من طريق عمر بن عبد الله بن يعلي بن مرة عن أبيه عن جده وعمر قال الحافظ: فيه ضعيف.
قلت: حاله أسوأ مما قاله الحافظ.