تتضمن هذه الآيات الكريمة أن الله سبحانه وتعالى قد خلق لكم أيها الناس السمع الذي به تسمعون، والأبصار التي بها تبصرون، والأفئدة التي بها تفقهون، وهذه من أعظم النعم التي أنعمها الله عليكم، فكان ينبغي لكم أن تشكروا الله على هذه النعم العظيمة، ومن الشكر أن تنتفعوا بها فيما خلقت له، ومما خلقت له أن تسمعوا بها آيات الله التي تسمع، وأن تبصروا بها آيات الله التي تبصر، وأن تتفكروا وتتدبروا هذه الآيات جميعا فتدركوا أن الذي أنشأها من العدم قادر على أن يخلقها مرة ثانية بعد الموت، ولكنكم أيها الناس قليلا ما تشكرون الله الذي خلقها لكم وأنعم بها عليكم، قليلا ما تشكرونه شكرا يرضى عنه في هذه الدنيا، وينفعكم عنده يوم يقوم الحساب.
وتتضمن أيضا أن الله قد أنعم عليكم بنعمة الحياة في هذه الدنيا فخلقكم فيها وبثكم من فوق الأرض، ولكنها نعمة لا تدوم، فسوف يميتكم بعد هذا ثم إليه وحده تحشرون فيجازيكم بما كنتم تعملون.
كان ينبغي لكم أيها الكافرون أن تتفكروا وتتدبروا أن الذي يحي ويميت ويخلق الليل والنهار خلفه قادر على أن يخلقكم مرة ثانية، ولكنكم أناس لا تعقلون ولا تبصرون فقلتم مثل ما قال أسلافكم الأولون الذين كذبوا بالرسل، أنكرتم البعث مثل ما أنكروا، وقلتم هيهات هيهات أن نبعث من قبورنا وقد صرنا ترابا وعظاما، ثم قلتم إن هذا الوعد الذي تعدنا به يا محمد قد وعده آباءنا أناس من قبلك ذكروا أنهم رسل الله كما تذكر أنت إنك لرسول، ولكن آباءنا ظلوا في قبورهم لم يبعثوا منها، فكيف نصدق ما تقول؟! إنْ نرى ما تقول يا محمد وما قيل لآبائنا من قبلك إلا أكاذيب سطرها الأولون.
وتتضمن أيضا اعتراف هؤلاء المنكرين للبعث من قريش بأن الأرض ومن فيها ملك لله، وأن الله هو رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، وأن الله هو الذي يملك كل شيء ينجي من يشاء ويعذب من يشاء.