وأمره أيضا أن يقول لهم: "أيّ شيء تستعجلون من عذاب الله إن أتاكم في ليل أو نهارا ليس شيء من العذاب يُستعجل، فالعذاب كله على اختلاف ألوانه وتعدّد ضروبه مرّ المذاق.
ثم أنتم قوم مجرمون فينبغي لكم أن تنفروا من العذاب وأن تَفْرقوا لمجيئه، فكيف تطلبونه على عجل؟! يا لَهول ما تطلبون!! ويا لشقائكم بما تستعجلون!! ".
وتتضمن أيضا: "سوف يقال لهم إذا وقع عذاب الله بهم فآمنوا به على حين لا ينفعهم إيمان، سوف يقال لهم توبيخا وتقريعا: الآن تؤمنون بالعذاب وقد كنتم من قبل هذا تستعجلونه مكذبين مستهزئين؟!! فذوقوا ما كنتم به تكذّبون".
وقد جاء هذا الاستفهام: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} جاء مفيدا الإنكار والتوبيخ [1] : إنكار الإيمان منهم وقت وقوع العذاب بهم حصان لا ينفعهم إيمان، وتوبيخهم على تأخير الإيمان إلى زمن رؤية العذاب واقعا بهم حين لا يقبل الإيمان.
وإعراب هذا الاستفهام: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} :
(ثم) : حرف عطف كالفاء والواو العاطفتين اللتين تقعان بعد همزة الاستفهام، وقد عطفت الجملة الشرطية التي بعدها على ما قبل الهمزة.
و (إذا) : شرطية غير جازمة في محل نصب على الظرفية، والعامل فيها فعل الشرط بعدها، وجملة الشرط: (وقع وفاعلها المستتر) لا محل لها من الإعراب. و (ما) الواقعة بعد إذا زائدة للتوكيد. و (آمن) هو جواب إذا، وجملة الجواب (آمنت به) لا محل لها من الإعراب.
وهذا الذي تقدم من أن العامل في إذا الشرطية هو شرطها لا جوابها هو مذهب المحققين من النحاة على ما ذكره ابن هشام في كتابه مغنى اللبيب [2] . وقال الرضى في شرح الكافية: "وبه قال الأكثرون" [3] .
ولا يعترض عليهم بأن (إذا) مضافة إلى شرطها والمضاف إليه لا يعمل في المضاف، لأن (إذا) عند هؤلاء غير مضافة.