وأما القول الثاني فضعفه بينِّ لأنه يستلزم أن لا يستعمل هذا الاستعمال إلاّ علم مشترك فيه كزيد، وليس ذلك لازماً، كقولهم: لا بَصْرَةَ لكم، ولا قُريْشَ بعد اليوم، وكقول
النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده" [88] .
وإنما الوجه في هذا الاستعمال أن يكون على قصد: لا شيء يصدق عليه هذا الاسم كصدقه على المشهور به، فضمّن العلم هذا المعنى، وجُرِّد لفظُه مما ينافي ذلك.
انتهى كلام ابن مالك في شرح الكافية.
وقال في شرح التسهيل [89] : قد يؤوّل العلم بنكرة، فيركبّ مع "لا"إن كان مفرداً، وينصب بها إن لم يكن مفرداً، فالأوّل كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده" وكقول الشاعر:
نكدْن ولا أميَّة بالبلاد [90]
أرى الحاجات عند أبي خُبيبٍ
وكقول الراجز:
إنَّ لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم [91]
والثاني نحو: "قضيةٌ ولا أبا حسنٍ لها". لما أوقعوا العلم موقع نكرة جرّدوه من الألف واللام إذ كانتا فيه، كقوله: ولا عُزَّى لَكم. أو فيما أضيف إليه كقولهم: ولا أبا حسن. فلو كان العلم "عبد الله"لم يعامل بهذه المعاملة للزوم الألف واللام، وكذا عبد الرحمن على الأصحّ لأن الألف واللام لا ينزعان منه إلا في النداء.
وقدّر قوم العلم المعامل بهذه المعاملة مضافاً إليه ["مثل"ثم] [92] حذف مضافه وأقيم العلم مقامه في الإعراب والتنكير، كما فُعل بأيدي سبا في قولهم: "تفرّقوا أيدي سبا" [93] يريدون مثل أيدي سبا، فحذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه في النصب على الحال. وقدّره آخرون بلا مسمَّى بهذا الاسم، أو بلا واحد من مسمّيات هذا الاسم. ولا يصحّ واحد من التقديرات الثلاثة على الإطلاق.
أما الأول فممنوع من ثلاثة أوجه: أحدهما: ذكَر "مثْل"بعده كقول الشاعر: