ويتبع هذه القائمة تلاميذ المستشرقين من المسلمين الضالعين في ركابهم الآكلين من شتات موائدهم وعلى رأس هؤلاء الدكتور طه حسين في كتابه "الشعر الجاهلي""مسألة الانتحال والوضع في الشعر الجاهلي"تأكيدًا لنظرية الشك في كل ما جاء بالعربية من شعر ونثر ومن ذلك القرآن الكريم. فهو يرى أنه يتعين على الباحث أن يخضع كل ما ورد من أخبار الأمم السابقة وقصصهم في القرآن إلى هذا المنهج وهو الشك ويخلص من ذلك إلى أن القرآن ليس وحيا الهي وبذلك حقق هدفا من أهداف الاستشراق وهو أن القرآن موضوع وليس وحيا من الله، سبحانه وتعالى [13] . وفي هذه الضلالة التي تردى فيها طه حسين زعم أنه كان يحكم منهج ديكارت الفيلسوف الفرنسي. فضل الطريق وضلل تلاميذه [14] . وجدير بالذكر أن الإمام الغزالي قد سبق ديكارت لهذا المذهب. وما قرره ديكارت هو أنه يجب علينا ألا نقولَ عن شيء أنه حق إلا إذا قام البرهان على أنه كذلك. ومن الحقائق التي وصل إليها ديكارت في فلسفته: "أن ما وجد في الدين واضحا جليا فهو حق يجب أن يسلم به تسليما" [15] .
ومن هنا نستطيع القول بأن طه حسين لم يكن دقيقا فيما ذهب إليه عن مذهب ديكارت. وقد تبين لبعضهم أن الدكتور طه حسين كان واقعا تحت عبودية فكرية تمثلت في كتابه "الأدب الجاهلي"الذي كان ترديدا لآراء غلاة المستشرقين المتعصبين ضد العرب والإسلام أمثال: مرجيليوث الذي نقل طه حسين آراءه كلها في كتابه الأدب الجاهلي ونسبها إلى نفسه [16] ، وكتاب مرجليوث هذا هو "أصل الشعر العربي".
هذا، وقد رميت من هذا الاستطراد إلى أن القرآن حق لا يتطرق إليه الشك. وأن ما ذكره المستشرقون ومن سار في ركابهم لا يمس كتاب الله في قليل أو كثير على حد قول الشاعر:
كناطح صخرة يوما ليوهنها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل