وقصارى القول أن صحيح البخاري أول مصنف في الصحيح المجرد وهو أصح كتاب بعد كتاب الله العزيز ورجاله مقدمون في الرتبة على غيرهم وأحاديثه على كثرتها لم ينتقد الجهابذة المبرزون في هذا الفن منها إلا القليل مع عدم سلامة هذا النقد ومع هذا كله جمع فيه مؤلفه رحمه الله بين الرواية والدراية وهذه الميزات وغيرها توضح السر في إقبال العلماء عليه واشتغالهم فيه وعنايتهم التامة به فلقد بذل العلماء قديما وحديثا فيه الجهود العظيمة وصرفوا في خدمته الأوقات الثمينة وأولوه ما هو جدير به من اهتمامهم فكم شارح لجميع ما بين دفتيه بسطا واختصارا ومقتصر على إيضاح بعض جوانبه فألفوا في رجاله وفي شيوخه خصوصا وصنفوا في شرح تراجم أبوابه وفي المناسبة بينها وغير ذلك من الجوانب التي أفردت بالتأليف وكان على رأس المبرزين في هذا الميدان الحافظ الكبير أحمد بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ فقد أودع كتابه العظيم فتح الباري مع مقدمته ما فيه العجب فكما أن مؤلفه رحمه الله أحسن في انتقائه وجمعه غاية الإحسان فقد أحسن الحافظ ابن حجر في خدمته والعناية به تمام الإحسان وإن نسبته إلى غيره من الشيوخ كنسبة صحيح البخاري إلى غيره من المصنفات فرحم الله الجميع برحمته الواسعة وجزاهم خير الجزاء …
الشدة على المتعلمين مضر بهم