ويدل على ذلك قوله في حديث الفرق: "وإنه سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله"، وعدم قبول التوبة من المبتدع يقتضي ظاهر الحديث عموم ذلك فهو محمول على العموم العادي لأن الغالب عادة في الواقع الإصرار من المبتدعة على البدع.

وأما براءة النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين من أهل البدع فيدل على ذلك قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} الآية وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من رغب عن سنتي فليس مني".

وقول ابن عمر رضي الله عنهما في أول فرقة من أهل البدع في الإسلام وهم القدرية: "إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وهم براء مني".

والآثار عن السلف في التحذير عن أهل الأهواء والبدع والابتعاد عن مجالستهم كثيرة.

والمبتدع يخاف عليه من سوء الخاتمة وذلك أن سوء الخاتمة لا يكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه، والحمد لله على ذلك وإنما يكون سوء الخاتمة لمن له فساد في العقل أو إصرار على الكبائر أو يكون مستقيما في أول أمره ثم تغيرت حاله وأخذ في طريق غير طريق الاستقامة فيكون عمله ذلك سببا لسوء عاقبته وخاتمته والعياذ بالله.

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} الآية. وقال سبحانه: {َفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} . والمكر جلب السوء من حيث لا يفطن له وسوء الخاتمة من مكر الله إذ يأتي الإنسان من حيث لا يشعر.

اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة.

الفرق بين البدع وبين المصالح المرسلة والاستحسان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015