أحدهما: حجة يقدم على القياس ويخص به العموم وهذا قول مالك والقديم للشافعي ورواية عن أحمد وقول بعض الحنفية.
والثاني: ليس بحجة لأن الصحابي لم تثبت عصمته يجوز عليه الخطأ والغلط.
وهذا قول عامة المتكلمين والجديد للشافعي واختاره أبو الخطاب [5] . وعلى القولين لا تصلح ولا تصح معارضة الحديث بقول الصحابي. وهو ظاهر. نعم أكثر ما في هذا هي تسمية عمر تلك بدعة.
وهذه تسمية لغوية لا شرعية وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق.
فلما كانت صلاة التراويح في عهد عمر بهذه الهيئة وهي اجتماعهم في المسجد على قارئ واحد مع إسراج المسجد عملا محدثا لم يعهد من قبل سماه بدعة.
فإذا دل نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على استحباب شيء أو إيجابه بعد موته أو دل على ذلك مطلقا ولم يعمل بذلك إلا بعد وفاته – صلى الله عليه وسلم - صح أن يسمى بدعة في اللغة لأنه عمل مبتدأ كما أن نفس الدين الذي جاء به - صلى الله عليه وسلم - يسمى بدعة ومحدثا في اللغة كما قالت رسل قريش للنجاشي عن المهاجرين إلى الحبشة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن هؤلاء خرجوا من دين آبائهم ولم يدخلوا في دين الملك وجاءوا بدين محدث لا يعرف" [6] .
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "البدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا وإن كان بدعة لغة فقوله –صلى الله عليه وسلم -: "كل بدعة ضلالة"، من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء. وهو أصل عظيم من أصول الدين.
وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه في التراويح: "نعمت البدعة هذه"، وروى عنه: "إن كانت بدعة فنعمت البدعة" [7] .
من آثار البدع السيئة: