وما نحن بصدده من هذا القبيل إذ جاء في الأحاديث المتعددة والمتكررة في أوقات شتى وبحسب الأحوال المختلفة أن كل بدعة ضلالة وأن كل محدثة بدعة، ونحو ذلك من العبارات التي تدل على عموم ذم البدع والمحدثات في الدين ولم يأت في آية ولا حديث تقييد ولا تخصيص ولا ما يفهم منه خلاف ظاهر العموم والكلية فيها.

فدل ذلك دلالة واضحة على أن تلك الأحاديث على ظاهرها من العموم والإطلاق.

الثالث: إجماع السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان على ذم البدع بدون استثناء والهروب عنها وعن أصحابها.

فهذا بحسب الاستقراء إجماع ثابت يدل على أن كل بدعة مذمومة.

الرابع: أن معنى البدعة ومفهومها يقتضي عموم ذم البدع كلها بدون استثناء لأنه باب مضادة الشارع واطراد للشرع، وكل ما كان كذلك فممتنع أن ينقسم إلى: حَسن وقبيح وأن يكون منه ما يمدح ومنه ما يذم إذ لا يصح في معقول ولا منقول استحسان مشاقة الشارع ومخالفته [3] .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم (268) بعد الكلام على أعياد الكفار والمشركين: "ومن المنكرات في هذا الباب سائر الأعياد والمواسم المبتدعة لما في ذلك من المشابهة للكفار ولأنها من البدع".

وهذه المواسم إنما نهى عنها لما حدث فيها من الدين الذي يتقرب به إلى الله تعالى. فما أحدث من المواسم والأعياد فهو منكر وإن لم يكن فيه مشابهة لأهل الكتاب والمشركين لأن ذلك داخل في مسمى البدع والمحدثات فيدخل في عموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة"، وفي رواية النسائي: "وكل ضلالة في النار"، وفي حديث العرباض ابن سارية الصحيح: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة". رواه أبو داود وغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015