وكان هذا الصليحي المسمى علي بن محمد كثير الخلطة به والمعاشرة وكان أحظى من عنده وأطوع أهل مذهبه له وكان يأتيه من بلد الأخروج وهو سبع من أسباع حراز وكان الصليحي الملعون شهما شجاعا مقداما فلما عرفه سليمان بذلك وحضرته الوفاة لا رحمه الله أوصاه بأهل مذهبه وأمرهم بالسمع والطاعة وسلم إليه مالا كثيرا قد كان جمعه من أهل مذهبه ثم إن الصليحي الملعون أرسل إليه القرامطة من أوطان كثيرة بعيدة ومواضع متباينة وعدهم بالوصول إليه ليوم معلوم فلما وصلوا إليه طلع بهم مسار [4] وكان طلوعه ليلة الخميس للنصف من جمادى الأوى سنة تسع وثلاثين [5] وأربعمائة وطليعته تسعمائة رجل وخمسون رجلا فلما استقر بالجبل كتب [6] إلى صاحب مصر وهو معد المستنصر من بني عبيد ووجه إليه بهدايا سبعين سيفا مقابضها عقيق واثني عشر سكينا نصبها عقيق لأن للعقيق عندهم قدرا لأنه لا يكون إلا في اليمن وخمسة أثواب وشي وجام عقيق وفصوص من عقيق مع إهليلج كابلي ومسك وعنبر.
فوجه معد المستنصر المستنصر برايات وألقاب وعقد له الولاية وكان سفيره خاله أحمد بن المظفر وأحمد بن محمد الذي انهدم عليه الدار بعدن وهو أبو زوجة المكرم المسماة بالسيدة بنت أحمد.
فالحذر الحذر أيها المسلمون من مقاربته ومخالطته والركون إلى قوله فإنه وأهل مذهبه يستدرجون العقول ويضلون من ركن إليهم لقد سمعته مرارا وأسفارا وهو يقول لأصحابه قد قرب كشف ما نحن نخفيه وزوال هذه الشريعة المحمدية والله سبحانه أكرم من أن يبلغه مأموله من فساد الدين وهلاك المسلمين.
خلعت العذار ولم أستر
وأظهرت ما ليس بالمظهر
وبحت بما كنت أسررته
من الغي والمذهب الأخسر
وتبت إلى الله مستغفرا
منيبا إنابة مستغفر
وحرمت ما كنت حللته
لقومك من كل مستنكر
وحذرت من فعلك العالمين
وعدت إلى المنهج الأنور
فإن جئت نحوك مستغفرا
فبالله بالله لا تغفر