العدد 63-64 - ظاهرة التقاص في النحو العربي

ظاَهِرة التقاَصّ في النَّحو العرَبيَّ

للدكتور دردير محمد أبو السعود

أستاذ مشارك بكلية اللغة العربية بالجامعة

التَّقاص أسلوب من أساليب العرب، وطرفة من طرفهم، وملحة من ملح كلامهم، فهو يكسب التراكيب طلاوة وتبادلاً، والقواعد دقة، والقياس شمولا، واتساعاً، واللغة مرونة وتداخلاً، والكلام إحالة وتبدلاً وقد أشار إليه بعض النحاة [1] في مصنفاتهم، ولم يتناولوه تناول شمول وإحاطة، ولكن تعرضوا له تعرض إيماء وإشارة.

لذلك رأيت أن أعرض هذه الظاهرة عرضا يوقفنا عليها، ويجليها ويطلعنا على دورها في الأساليب، ويجدر بنا أن نعرفها لغة واصطلاحا ونستعين بالله تعالى فنقول:

التقاص لغة. مأخوذ من القص، والقصاص لغة فيه، وهو القتل بالقتل، أو الجرح بالجرح، أو القطع بالقطع. وفى القاموس [2] قاصصته مقاصة وقصاصا إذا كان لك عليه دين مثل ما له عليك، فجعلت الدين في مقابلة الدين، مأخوذ من اقتصاص الأثر، ومثل ذلك المعنى في المصباح والمختار.

وفي اللسان والتاج والمحكم [3] : التقاص: هو التناصف في القصاص.

قال الشاعر:

فرمنا القصاص وكان التقاص

حكما وعدلا على المسلمينا

فالمادة تدور حول معنى القطع والتتبع.

واصطلاحا: هو أن تأخذ الكلمة حكما من أخرى أخذت مثله منها تلك الكلمة الأخرى.

وبعبارة أخرى: أن تتبادل الكلمتان حكما خاصا بهما. بمعنى أن تعطي كل منهما الأخرى حكما مساويا لما أخذته منها.

وقد تتأتى هذه الظاهرة بين ألقاب الإعراب، وفى إبدال بعض الحروف من بعض، وفي زيادة بعض الحروف.

أولا: تحقيقها بين ألقاب الإِعراب:

أما ورودها بين ألقاب الإعراب فقد تحقق بين الجر والنصب حيث جاء الجر محمولا على النصب فيما لا ينصرف لشبهه بالفعل في وجود العلتين الفرعيتين أو علة تقوم مقامهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015