ومن أين نعرف حد شارب الخمر ورجم الزاني وقطع يد السارق إذا لم نرجع إلى السنة المطهرة هذه وغيرها من الأمور الكثيرة التي يتوقف الإيمان بالقرآن وتطبيقه على الإيمان بالسنة ومعرفتها وتطبيقها والتزامها وإتباعها. قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} .
مكانة السنة في نفوس الأمة:
من هنا أدركت الأمة الإسلامية عظمة السنة ومكانتها فحفظوها كما حفظوا القرآن وصانوها كما صانوا القرآن, ودوّنوا فيها الدواوين من الجوامع والمسانيد والمعاجم والأجزاء والمصنفات وألّفوا في رجالها وأسانيدها الكتب التي لا تحصى وألفوا الصحاح والسنن وفي الموضوعات والعلل بعد أن ميزوا الصحيح من الضعيف في الموضوع, وألوف المحدثين جندو أنفسهم لخدمتها وكابدوا في سبيلها المشاق والسهر والرحلات الطويلة إلى مختلف بلدان العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه.
أما المؤلفات فهذه مكتبات الدنيا تزخر بها حتى مكتبات أوربا وأمريكا والهند حيث استحوذت على إعجابهم وأدركوا أنه أعظم كنز يتباهون به في مكتباتهم.
وأما الرحلات في سبيلها التي بذلها المسلمون في فجر تاريخهم فلا يحصيها إلا الله, وكتب التاريخ والرجال حافلة بذلك.
إلا أننا نختار هنا أربعة نمازج للتدليل على تقدير الأمة الإسلامية لسنة نبيهم واهتمامهم بها ومكانتها في أنفسهم.