وقد شدّد بعضهم على أنفسهم فكان يقوم الليل كله حتى شكا منهم نساؤهم فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فتزكية الصحابة وتربيتهم بهذا القرآن هي التي غيرت كل ما كان بأنفسهم من مفاسد الجاهلية وزكتها تزكية عالية وهى التي أحدثت أعظم تحول روحي واجتماعي في التاريخ هذا كله إنما كان بكثرة تلاوة القرآن في الصلاة وغير الصلاة وتدبره وربما كان أحدهم يقوم الليل بآية واحدة يكررها متدبراً لها وكانوا يقرءونه مستلقين ومضطجعين كما وصفهم الله: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} . (آل عمران: 191) .
وأعظم ذكر الله تلاوة كتابه المشتمل على ذكر أسمائه وصفاته المقدسة وأحكامه وحكمه وسنته في خلقه وأفعاله في تدبير ملكه [4] .
منزلة السنة من القرآن ومكانتها في نفوس المسلمين:
السنة المطهّرة هي ما صدر من النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير وهي وحي إلهي قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى, إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} . وهي بيان القرآن وتفسيره فهي تبين مجمله وتقيد مطلقه وتخصص عامه وهي واجبة الاتباع بنص القرآن الكريم.
قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} . (الحشر: 7) .
وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . (النور: 93) .
وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} . (النساء: 65) .
وأمر الله في كثير من آيات القرآن بطاعة هذا الرسول الكريم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} . (النساء: 59) .