ثانيا: ذهب الحسن البصري والشعبي إلى عدم وجوب الإحداد على المعتدة من الوفاة وهو قول شاذ مخالف لإجماع أئمة المسلمين ولهذا رده بعضهم فإنّ الخلال نقل بإسناده عن أحمد عن هشيم عن داود عن الشعبي أنه كان لا يعرف الإحداد قال أحمد: "ما كان بالعراق أشد تبحراً من هذين- يعني الحسن والشعبي- "قال أحمد: "وخفي ذلك عليهما". قال ابن حجر في الفتح: بعد إيراده ما ذكر "ومخالفتهما لا تقدح في الاحتجاج وإن كان فيها ردّ على من ادّعى الإجماع" [9] .

وقال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر خلاف الحسن لأئمة الفتوى: "وهو قول شذ به عن أهل العلم وخالف به السنة فلا يُعرَّج عليه" [10] .

هذا ما أورده أهل العلم على هذا القول الشاذ وعلى فرض التسليم بثبوته فالاستدلال له بما يأتي:

1 ـ ما روي عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن أسماء بنت عميس قالت: لما أصيب جعفر بن أبي طالب قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تسلبي [11] ثلاثا ثم اصنعي ما شئت" [12] . أخرجه أحمد.

2 ـ عن أسماء بنت عميس أنها استأذنت النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تحدّ على جعفر وهي امرأته فأذن لها ثلاثة أيام ثم بعث إليها بعد ثلاثة أيام أن تطهري واكتحلي [13] .

فهذا دليل على عدم وجوب الإحداد على المعتدة من الوفاة أكثر من ثلاثة أيام وهو نص في محل النزاع والجواب عن هذا الاستدلال من وجوه:

الوجه الأول: أنه شاذ لا يحتج به ولا يصلح عمدة لإثبات الأحكام، قال ابن المنذر مجيبا عن ذلك: "وقد دفع أهل العلم هذا الحديث بوجوه، وكان أحمد بن حنبل يقول: "هذا شاذ ولا يؤخذ به"وقاله إسحاق [14] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015