وقال الزيلعي: "وهو -أي الإحداد-: ترك الزينة والطيب" [3] .
ونشير هنا إلى أن الإحداد فيه لغتان وهما أحدّت إحداداً فهي محدّة فهذا من باب إفعال، والثاني: تحدّ من باب ضرب يضرب، ونصر ينصر، حدّاً فهي حادّ [4] .
هذا ما يمكن أن يقال عن معنى الإحداد، ومنه يتبين ما بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي من العلاقة، فالمعنى اللغوي أعم من المعنى الاصطلاحي لأنه يراد به المنع مطلقا، أما المعنى الاصطلاحي فيراد به منع المعتدة من أمور خاصة إلى غاية معينة محدودة وهي مدة العدة.
فالعلاقة بين المعنيين علاقة عموم وخصوص كما ترى وهذا هو الشأن في معظم الأحكام التي لها معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح إن لم نقل كلها ...
الفصل الثاني: في حكم الإحداد:
هذا وبعد عرض المعنى اللغوي والاصطلاحي للإحداد نرى أنه من المفيد أن نذكر حكمه لأن ذلك هو الهدف الأول من دراسة ما يتعلق به من أحكام بالنسبة للمرأة إذا توفرت شروطه فنقول: اتفق كل من يعتد بقوله من أئمة الفتوى على وجوب الإحداد على المرأة التي مات زوجها من غير فرق بين ما إذا كانت مدخولاً بها أو غير مدخول بها بل هو واجب على الكل فلو أرادت المتوفى عنها زوجها تركه لم يكن لها ذلك لأن الواجب هو ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه في اصطلاح الأصوليين، فالمرأة التاركة للإحداد آثمة ولاشك لما ستعرف قريبا من المنقول والمعقول وإجماع الصحابة على وجوب الإحداد ولم أجد في هذا المعنى خلافا اللهّم إلا خلافا شاذاً مرويا عن الحسن البصري والشعبي وسنذكر هذا الخلاف تتميما للفائدة وتبييناً للحق، إذن المنقول في ذلك من مذهبان: مذهب الجمهور وهو المعتمد والمشهور والمعمول به، ومذهب الحسن البصري والشعبي. ولنبدأ بمذهب الجمهور ونذكر أدلتهم ونثنِّي بالمذهب المخالف مع الإشارة إلى أدلة هذا المذهب وما أورد عليها من المناقشات.