ما قال عندهم ولا هو قائل
بالغير كالأعراض والأكوان
فالقول مفعول لديهم قائم
فيها الشيوخ معلّموا الصبيان
هذي مقالة كل جهميّ وهم
4 ـ والرابع من الأقوال قول الكرّامية أتباع محمد بن كرام السجستاني المتوفى عام (255 هـ) قالوا: "كلام الله تعالى حروف وأصوات حادثة, تكلّم الله بها بمشيئة وقدرة بعد أن لم يكن متكلّما أي حدثت له صفة الكلام".
وفساد هذا القول ظاهِر حيث جعلوه تعالى في الأزل غير قادر على الكلام ثم جعلوا الكلام ممكناً له تعالى مقدوراً له من غير حدوث شيء أوجب القدرة والإمكان.
ويقول في النونية عن هؤلاء:
في ذاته فهم نوعان
والقائلون بأنه بمشيئته
نوعاً حذارِ تسلسل الأعيان
أحدهما جعلته مبدوءاً به
إثبات خالق هذه الأكوان
فيسد ذاك عليهم في زعمهم
5 ـ والخامس قول السالمية أتباع محمد بن أحمد سالم المتوفى عام (297) للهجرة.
قالوا: "كلام الله تعالى حروف وأصوات أزلية قديمة ولها معان تقوم بذات الرب تعالى".
ولا يخفى فساد هذا القول بمجرد تصوره.
6 ـ والسادس قول الكلاّبية والأشاعرة.
قالوا: "كلام الله تعالى معنى واحد قائم بذات الله لازم له لزوم الحياة والعلم والقدرة, أي صفة ذاتية لازمة غير مقدورة وليس لكلامه حرف ولا صوت يسمع".
وذلك المعنى الواحد هو الأمر والنهى والخبر والاستخبار وإن عُبرّ عنه بالعربية كان قرآنا, وإن عبر عنه بالعبرانية كان توراة, وإن عبر عنه بالسريانية كان إنجيلاً, فاختلفت العبارات لا المعنى.
قال سيف الدين الآمدي في كتابه "غاية المرام في علم الكلام" (88) : "ذهب أهل الحق من الإسلاميين إلى كون الباري تعالى متكلما بكلام قديم أزلي أحديّ الذات ليس بحروف ولا أصوات".اهـ.