"وكذلك سائر الثنتين وسبعن فرقة، من كان منهم منافقا فهو كافر في الباطن، ومن لم يكن منافقا بل كان مؤمنا بالله ورسوله في الباطن لم يكن كافرا في الباطن وإن أخطأ في التأويل كائنا ما كان خطؤه, وقد يكون في بعضهم شعبة من شعب النفاق ولا يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار.

ومن قال: إن الثنتين وسبعين فرقة كل واحد منهم يكفر كفرا ينقل عن الملة فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- بل وإجماع الأئمة الأربعة، وغير الأربعة، فليس فيهم من كفّر كل واحد من الثنتين وسبعن فرقة، وإنما يكفّر بعضهم بعضا (من تلك الفرق) ببعض المقالات، كما قد بسط عليهم في غير موضع"ا. هـ.

ولهذا نجد أن من كفّر الجهمية من السلف مثل ابن المبارك ووكيع أخرجوهم من الثنتين وسبعين فرقة وألحقوهم بالسبئية والغرابية وأمثالها.

وحتى في المناهج الجامعية نجد أن كليات أصول الدين مثل كليتي مكة والمدينة حاليا تفصِّل بين الفرق الخارجة عن الإسلام وبين الفرق الأخرى.

فالأمر واضح لا لبس فيه إلا عند المعاندين أو المعذورين من غير المتخصصين. وكيف يكون عند الأشاعرة لبس في موقف أهل السنة والجماعة منهم وهم يقفون نفس الموقف من المعتزلة فهم يصفونها بالضلال في كتبهم ولا يقولون أن هذا يعنى إخراجهم من الملة, فمن حقنا أن نلزمهم من واقع كتبهم.

وإذا تقرر هذا تبين أنه لا مبرر لمطالبة الأشاعرة بإدخالهم في أهل السنة والجماعة بدعوى أن هذا يجنّبهم تهمة الخروج من أهل القبلة؛ لأن ذلك يعني هدم هذه القاعدة كلها إذ لو أدخلناهم لأدخلنا غيرهم حتى لا يبقى من تلك الفرق الثنتين وسبعن فرقة إلا دخلت, وهذا ليس في أيدينا ولا في يد بشر إنما نحن متبعون لا مبتدعون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015