إن مكة للمسلمين كافة، فيجب أن يكون أمر إدارتها وتنظيمها طبق رغائب العالم الإسلامي.

إننا سنجتمع بوفود العالم الإسلامي هناك، وسنتبادل معهم الرأي في كل الوسائل التي تجعل بيت الله بعيداً عن الشهوات السياسية، وتحفظ راحة قاصدي حرم الله" [22] .

غادر الإمام عبد العزيز آل سعود الرياض يوم 13 ربيع الثاني عام 1343 هـ في موكب كبير في طريقه إلى الحجاز، ومعه كبار القوم وعلماؤها، وألوية من أهل الحضر، وسكان الهجر، والفرحة قد عصت الوجوه، وسار الموكب على بركة الله، وجاء البريد من مكة، وهو على آبار المصلوم (المصلوق) مساء 22 ربيع الثاني عام 1343 هـ، فأمر بفتحه في الحال- على عادته- وعُرضَ عليه، فإذا به كتاب موقع عليه من معتمدي قناصل الحكومات البريطانية، والإيطَالية، والفرنسية، والهولندية والإيرانية، وهذا نصه:

جدة في 4 نوفمبر سنة 1924 م

إلى خالد بن لؤي، وسلطان بن بجاد:

بعد الاحترام

وصلنا كتابكما, ولا يخفى كما أن حكومتنا ملتزمة الحياد التام في الحرب بين نجد

والحجاز، وعلى ذلك فنحن محايدون، ولا يمكننا التدخل بأي وجه كان في هذا الخصام، وقد أخذنا علماً بتصريحكما بأن ليس لكما نظر في رعايانا، ونؤيد مضمون كتابنا الأول المختص بهم. والسلام.

إمضاءات [23]

وعندما انتهى من قراءة الكتاب، خر الإمام عبد العزيز ساجداً لله، ورفع رأسه يشكر الله، ثم قال: "قد لزموا الحياد".

يقول الزركلي:

"فعرفنا أن سبب قلقه ترقبه ما سيكون عليه موقف بعض الحكومات الأجنبية، فلما اطلع على الرسالة زال ما كان يساوره" [24] .

كانت جموع الله وعلى رأسها الإمام عبد العزيز قد وصلت إلى قرن المنازل، وهو ميقات أهل نجد، فأحرموا بالعمرة، وانحدر الجمع من فوق جبال الهَدي حتى كانوا بأعلى مكة، بمكان يقال له "الأبطح".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015