وهذا ما تفيده شهادة أن لا إله إلا الله، لأن هذه الشهادة تهني أن يعتقد العبد بعلم ويقين، وصدق وإخلاص أنه لا إله يتصف بالتفرد بالأسماء الحسنى وصفات الكمال المطلق واستحقاق العبودية على الحقيقة إلا الله تبارك وتعالى وهذا الاعتقاد اعتقاد صحيح مطابق للواقع، وتعني تلك الشهادة أن يعمل العبد بمقتضاها فلا يصرف شيئاً من عبادته كالحب والإرادة والدعاء والنذر لغير الله تعالى لأن ذلك ونحوه من الأعمال التعبدية التي شرع الله أن يعبد بها, لا يستحقه إلا الله, فصرفه أو صرف نوع منه لغير الله ظلم عظيم {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} , وإخلاصه لله تعالى هو العدل الذي لا عدل فيما خالفه.
والمخالفون لأهل السنة والجماعة إذا لم يخلصوا عبادتهم لله وأشركوا مع الله غيره لم يكونوا عابدين لله وإن كانوا يقصدون بشركهم التقرب والتزلف إلى الله قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} . وإذا عينوا الله بصفات نفي أو إثبات ليست واردة في الكتاب والسنة فإن ما عينوه بتلك الصفات ليس هو الله في الحقيقة والواقع، كما إذا قال قائلهم: "ليس الرحمن على العرش استوى", أو قال: "إن الله لم يتكلم بالقرآن، وإنما القرآن عبارة عن كلام الله", فهذا القائل إذا عبد من يعتقده بهذا الوصف لم يكن عابدا لله وإن قصد الله بعبادته بل يكون عابدا لما اعتقده معطلا عن وصف الكمال.
والله برئ من عبادته لأن موصوفه ليس هو الله فتنصرف عبادته إلى غير الله كما انصرف سبُّ قريش عن محمد صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام: "ألا ترون كيف يصرف الله عني سب قريش، يسبون مذمَّما"أي: أنه محمد لا مذمم. اللهم صل وسلم عليه.