ومما ورد في هذا الأصل الأصيل وهو التضامن الإسلامي والتعاون على البر والتقوى قوله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أمر الله سبحانه في هذه الآية الكريمة عباده المؤمنين بأن يتقوه حق تقاته ويستمروا على ذلك ويستقيموا عليه حتى يأتيهم الموت وهم على ذلك، وما ذاك إلا لما في تقوى الله عز وجل من صلاح الظاهر والباطن وجمع الكلمة وتوحيد الصف وإعداد العبد لأن يكون صالحا مصلحا وهاديا مهديا باذلا النفع لإخوانه كافا للأذى عنهم معينا لهم على كل خير ولهذا أمر الله المؤمنين بعد ذلك بالاعتصام بحبله فقال {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} وحبل الله سبحانه هو دينه الذي أنزل به كتابه الكريم وبعث به رسوله الأمين محمداً صلى الله عليه وسلم والاعتصام به هو التمسك به والعمل بما فيه والدعوة إلى ذلك والاجتماع عليه حتى يكون هدف المسلمين جميعاً ومحورهم الذي عليه المدار ومركز قوتهم هو اعتصامهم بحبله وتحاكمهم إليه وحل مشاكلهم على نوره وهداه وبذلك تجتمع كلمتهم ويتحد هدفهم ويكون ملجأ لكل مسلم في أطراف الدنيا وغوثا لكل ملهوف وقلعة منيعة وحصناً حصيناً ضد أعدائهم، وبهذا الاجتماع وهذا الاتحاد وهذا التضامن تعظم هيبتهم في قلوب أعدائهم ويستحقون النصر والتأييد من الله عز وجل ويحفظهم سبحانه من مكائد الأعداء مهما كانت كثرتهم كما وقع ذلك بالفعل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان في صدر هذه الأمة ففتحوا البلاد وسادوا العباد وحكموا بالحق وحقق الله لهم وعده الذي لا يخلف كما قال عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} وقال سبحانه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ